العلامات التجارية وإعادة التدوير (Upcycling)





العلامات التجارية وإعادة التدوير

العلامات التجارية وإعادة التدوير (Upcycling): كيف تحوّل الشركات الأصول المنسية إلى ذهب؟

في عالم تزداد فيه كلفة بناء العلامات التجارية الجديدة، بدأت بعض الشركات تلجأ إلى فكرة ذكية تُعرف باسم إعادة تدوير العلامات التجارية أو (Brand Upcycling).

لكن لا يتعلق الأمر هنا بإعادة التدوير المادي كما نعرفه، بل بإعادة إحياء الأسماء التجارية القديمة، وتحويلها من رموز منسية إلى أصول تدر أرباحًا جديدة.

ما المقصود بإعادة تدوير العلامة التجارية؟

هي ببساطة عملية استغلال علامة تجارية قائمة — سواء كانت نائمة، أو توقفت أنشطتها، أو تخلّى عنها مالكها الأصلي — لإعادة إطلاقها بشكل جديد يخاطب جيلاً مختلفًا أو سوقًا جديدة.

قد يكون الهدف اقتصاديًا بحتًا، لأن إحياء اسم قديم يوفر على الشركة تكاليف بناء هوية جديدة من الصفر، أو تسويقيًا للاستفادة من عامل الحنين لدى المستهلكين الذين ما زالوا يتذكرون الاسم ولو بصورة باهتة.

فالشركات التي تُعيد إحياء علامات قديمة تراهن غالبًا على الثقة المسبقة والذكريات الإيجابية المرتبطة بها، وهي عناصر يصعب شراؤها بالإعلانات.

لماذا تلجأ الشركات إلى هذه الإستراتيجية؟

هناك أكثر من دافع وراء هذه الخطوة:

  • توفير التكاليف: إعادة إحياء اسم معروف أسهل وأرخص من بناء علامة جديدة.
  • الثقة الموروثة: الاسم القديم يحمل معه تاريخًا من المصداقية يصعب تحقيقه مجددًا.
  • القصة التسويقية: كل علامة تم إحياؤها تحمل خلفها قصة، والجمهور يحب القصص أكثر مما يحب الإعلانات.

أمثلة عالمية ناجحة

تُعد شركة Polaroid نموذجًا مثاليًا. بعد أن اختفت تقريبًا مع صعود التصوير الرقمي، أعادت الشركة إطلاق نفسها من جديد مستغلة الشغف بالتصوير الكلاسيكي.

كذلك Nokia، التي استعادت جزءًا من مكانتها عندما أعادت طرح هواتف تحمل طابعها الشهير في المتانة والبساطة.

أما Mini Cooper فقد أثبتت أن المزج بين الإرث الكلاسيكي والتصميم العصري يمكن أن يخلق نجاحًا يفوق التوقعات.

وهناك أيضًا علامات وسعت نشاطها بدلًا من إحيائها، مثل Yamaha التي بدأت بصناعة الآلات الموسيقية ثم دخلت عالم المحركات والدراجات النارية، وVirgin التي تحولت من شركة تسجيلات موسيقية إلى إمبراطورية تمتد للطيران والاتصالات والفضاء.

لكن ليست كل التجارب ناجحة. فشركة Colgate، الشهيرة بمعجون الأسنان، حاولت إطلاق منتجات غذائية تحت اسمها، ففشلت فشلًا ذريعًا لأن الجمهور لم يتمكن من ربط اسم “معجون الأسنان” بوجبات الطعام.

الجانب القانوني والملكيـة الفكرية

إعادة تدوير العلامات ليست مجرد فكرة تسويقية، بل عملية قانونية معقدة تتطلب تدقيقًا دقيقًا في الملكية الفكرية.

أول خطوة هي التأكد من الوضع القانوني للعلامة: هل تسجيلها لا يزال ساريًا؟ هل توجد علامات مشابهة قد تعيق استخدامها؟ وهل هناك نزاعات قائمة بشأنها؟

ثم تأتي مسألة فئات التسجيل، لأن العلامة قد تكون محمية في فئة معينة (مثلاً الإلكترونيات) لكن غير محمية في فئة أخرى (مثل الملابس أو الأغذية).

التوسع دون حماية مناسبة قد يؤدي إلى خطر تمييع الهوية أو فقدان التميز القانوني للعلامة.

أما في حالات الترخيص أو البيع، فيجب صياغة عقود دقيقة تحدد الحقوق، المدة، العائد المالي، ومعايير الجودة، حتى لا يسيء الطرف الآخر استخدام العلامة أو يضر بسمعتها في السوق.

خلاصة

إعادة تدوير العلامات التجارية ليست مجرد حيلة تجارية، بل استراتيجية تجمع بين الإبداع والاقتصاد والقانون.

هي محاولة لإعادة الحياة إلى الأسماء القديمة بطريقة ذكية تُحافظ على تراثها وتعيد توظيفه في أسواق جديدة.

ففي النهاية، لا تموت العلامات التجارية حقًا، بل قد تنام فقط بانتظار من يُحسن إيقاظها.

هل تملك علامة قديمة أو تفكر في إعادة إحياء اسم تجاري؟ احجز إستشاره مجانية لمدة 30 دقيقة
www.bazad.net